اتفاقات حاسمة حول زيادات الأجور لسنة 2026.. تفاصيل ما تم التوصّل إليه فعليًا
تشهد الساحة الوطنية في تونس حراكًا متزايدًا ونقاشات مكثّفة حول ملفّ الزيادة في الأجور لسنة 2026، وهو من أبرز الملفات الاجتماعية التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر، نظرًا لما تمثّله من بارقة أمل لتحسين القدرة الشرائية التي تضرّرت خلال السنوات الأخيرة بسبب الضغوط الاقتصادية وغلاء المعيشة.
في هذا السياق، أكّد **أنور بن قدور**، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والمكلّف بالدراسات والتوثيق، أنّ **المفاوضات الجارية بين الاتحاد والحكومة لا تقتصر على الجانب المالي فقط**، بل تشمل أيضًا ملفات محورية تتعلّق بظروف العمل، والسلامة المهنية، وضمان كرامة العاملين.
وخلال إشرافه على ندوة نقابية بمقرّ الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة، أشار بن قدور إلى أنّ **الترفيع في كتلة الأجور ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا** يعكس استعداد الحكومة لتحسين الوضع الاجتماعي، مؤكدًا في الوقت نفسه أنّ **الحوار الاجتماعي يبقى السبيل الأنجع لتجاوز الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد** على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كما لفت إلى وجود **تحديات تواجه العمل النقابي في تونس**، معتبرًا أنّ تضييق المجال أمام حرية التفاوض النقابي من شأنه أن يعرقل مسار الإصلاح الاجتماعي ويؤثر سلبًا على مناخ الثقة داخل المؤسسات.
وفي سياق متصل، أعلن بن قدور **دعم الاتحاد العام التونسي للشغل للإضراب المزمع تنفيذه في قطاعي البنوك والمؤسسات المالية** يومي الاثنين والثلاثاء القادمين، مؤكدًا أنّ هذه التحرّكات تأتي في إطار الدفاع عن حقوق العاملين والمطالبة بمفاوضات جادّة تحفظ مصالحهم وتضمن استقرارهم المهني.
أما على صعيد الإجراءات الرسمية، فقد تضمّن **مشروع قانون المالية لسنة 2026** بندًا واضحًا ينصّ على **الترفيع في الأجور والمرتّبات بالقطاعين العام والخاص، إضافة إلى جرايات المتقاعدين،** وذلك على مدى السنوات الثلاث القادمة (2026–2028).
ووفقًا للبيانات الواردة في المشروع، فقد **خصّصت الحكومة ما يقارب 25,267 مليار دينار تونسي كمصاريف أجور لسنة 2026**، أي بزيادة تُقدّر بـ **3.6% مقارنة بسنة 2025،** في خطوة تهدف إلى **دعم القدرة الشرائية وتحسين مستوى العيش للتونسيين.**
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال **الإعلان الرسمي عن النسبة النهائية للزيادة وآجال تنفيذها** في انتظار التفعيل الحكومي، سواء مع انطلاق السنة الجديدة أو خلال النصف الأول من 2026، إلى جانب تحديد الفئات التي ستُمنح الأولوية في الانتفاع بها.
وفي المقابل، يُرتقب أيضًا انطلاق **مفاوضات خاصة بالقطاع الخاص** بين المنظمات النقابية وأصحاب المؤسسات لتحديد نسب الزيادات وفق خصوصية كل قطاع، في مسار يأمل التونسيون أن يُسهم في **تخفيف الضغوط المعيشية وتعزيز العدالة الاجتماعية.**
في المحصلة، تُجمع مختلف الأطراف على أنّ **الزيادة في الأجور أصبحت مطلبًا وطنيًا ملحًّا،** غير أنّ تحقيقها يظلّ رهينًا بمدى **نجاح الحوار بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل،** وبقدرة الطرفين على صياغة **تفاهمات واقعية تحفظ حقوق العمال وتراعي في الآن ذاته توازنات المالية العمومية.**